الحاصر لفوائد مقدمة طاهر في علم حقائق الاعراب،

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله) (المتوفى: 749 هـ)

المضمرات وأنواعها

صفحة 202 - الجزء 1

  قال السيد الإمام: قبل الشروع في الكلام في هذا النوع نذكر البحث عن أمرين:

  أحدهما: في حقيقة المضمر وعلة بنائه. وثانيهما: الكلام في قسمته.

  فأما الأول: فاعلم أن المضمر معنيين لغوي واصطلاحي. فأما اللغوي فالإضمار هو الإخفاء، نقول: أضمرت في نفسي كلاماً أي أخفيته وأنشد النحاة للخنساء:

  يبدو وتضمره البلاد كأنه ... سيف على علم يُسلَّ ويغمد

  هو في مصطلح النحاة (ما وضع لمتكلم أو مخاطب أو غائب تقدم ذكره لفظاً أو معنى أو حكماً) فقولنا: ما وضع لمتكلم أو مخاطب أو غائب إشارة إلى أنواع المضمر، لا يخرج عن هذه الثلاثة. فقولنا: تقدم ذكره لفظاً أو معنى أو حكماً تقسيم لمراتب التقدم الغائب لأنه الذي يحتاج إلى التفسير وأما المتكلم والمخاطب فلا يحتاجان إلى تفسير، ومثال ما تقدم ذكره لفظاً في مثل قولك (ضرب زيداً غُلامُه) ومثال ما تقدم ذكره من جهة المعنى قوله تعالى {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}⁣[المائدة: ٨] فلما تقدم الفعل وهو قوله {اعْدِلُوا}⁣[المائدة: ٨] صار دالا على المصدر من جهة المعنى.

  ومثال ما هو متقدم من جهة الحكم قولك (نعم رجلاً زيد) فإنهم لما قصدوا فيه المدح العام والذم العام في (بئس رجلا زيد) نسبوه إلى أمر متصور في الذهن فصار في الحكم معلوما بالعهديه السابقة.

  وأما علة بنائه؛ فإنما يبنى المضمر لأمرين:

  أما أولاً: فلأنه في نفسه مفتقر إلى ما يفسره كالقرينة في المتكلم والمخاطب وتقدم الذكر في الغائب فأشبه الحرف في ذلك فبني كبنائه.