مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الرابعة [رد الرازي أن غضب الله متولد عن علمه]

صفحة 1048 - الجزء 2

  أن يكون الباري محلاً للحوادث تعالى عن ذلك، وأن يفتقر إحداث ذلك العلم إلى سبق علم آخر فيتسلسل وهو محال، وأجاب بقوله: يفعل الله ما يشاء ويحكم ما يريد.

  قلت: ونحن نجيب عن السؤال بغير جوابه، ثم نجيب عن جوابه ونبين ما بناه عليه فنقول:

  أما وصف علم الباري تعالى بالقدم والحدوث فهو باطل، أما الحدوث فظاهر، وأما القدم فلأنه يلزم قديم مع الله تعالى وكونه⁣(⁣١) تعالى محلا لغيره، وأما قوله: فلم خلق المكلف ... إلخ فعندنا أنه خلق المكلف ليعرضه على الخير، فإن صار إلى العذاب الدائم فمن نفسه أتي وذلك لسوء اختياره، وقد أوضحنا الدليل على حسن تكليف من علم الله أنه لا يؤمن في سياق قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٢}⁣[الفاتحة] وسيأتي بسط الكلام عليه في سورة البقرة إن شاء الله.

  وأما جوابه بقوله: {وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ٢٧ ...}⁣[إبراهيم: ٢٧] الآية، فمراده أنه لا يقبح من الله ما يقبح من غيره؛ لأنهم قد أبطلوا الحسن والقبح العقلي، وقد استوفينا الاحتجاج على مسألة التحسين والتقبيح في المقدمة، وعلى أنه يقبح من الله ما يقبح من غيره في هذه السورة في سياق قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} وأما قوله تعالى: {وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ٢٧}⁣[إبراهيم] الآية فنقول بموجبها: وهو أن الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، لكنه قد ثبت أنه لا يشاء ولا يريد إلا الحسن، وأنه منزه


(١) لأن العلم عند الخصم معنى قديم قائم بذات الباري تعالى. تمت مؤلف.