مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {غير المغضوب عليهم} من سورة الفاتحة

صفحة 1049 - الجزء 2

  عن القبائح كلها لا يظلم ولا يأمر بالفحشاء، فأي دلالة لهم في الآية على أنه يفعل القبيح ولا يقبح منه؟ وأنه يجوز أن يخلق المكلف ويكلفه لأجل يدخله النار تعالى الله عن ذلك.

  هذا وأما قوله: ولأن من كان غضبان على الشيء كيف يعقل منه إيجاده، فلا يتأتى إلا على مذهب سليمان بن جرير وهو أن الله تعالى ساخط فيما لم يزل على من علم أنه سيعصي.

  قال الإمام المهدي #: وهو مبني على أنه تعالى مريد فيما لم يزل لأنه من الصفاتية يعني: الذين يقولون إن الله تعالى مريد بإرادة قديمة كما يقولون في سائر الصفات التي الله تعالى، وهؤلاء هم الكلابية والأشعرية، وسنبطل ما ذهبوا إليه في موضعه إن شاء الله، وبه يتبين بطلان كلام الرازي ومذهب ابن جرير، إلا أنا نذكر في هذا الموضع ما أجاب به الهادي # على ابن جرير فنقول:

  قال الهادي # بعد أن ذكر كلامًا كثيرًا في أن الإرادة من صفات الفعل ما لفظه: والإرادة فقد صح أنها من صفات الفعل، ثم قال: فإذا صح أنها من صفات الفعل وجب القضاء بأنه إنما يسخط ويرضى بعد وجود ما يوجب ذلك، وذلك لا يجوز إلا بعد التكليف وبعد تصرف المكلفين بالطاعة والمعصية؛ لأن جميع ذلك منه تعالى جزاء على الأعمال، ولا تحسن مجازاة الفاعل قبل إقدامه على الفعل، وذلك أبين ومما لا يحتاج إلى إطناب.