تفسير قوله تعالى: {ولا الضالين 7} من سورة الفاتحة
  في هذه السورة كلاماً حسناً حاصله: أن القرآن لما كان في أعلى طبقات الفصاحة والبلاغة مع ما يحوي من المعاني التي هي ترهيب وترغيب وزجر وقصص، وغير ذلك، كان ما فيه من الإطناب كالذي في هذه السورة لإرادة أن يجمع بما فيها من الوصف العجيب والتظلم الغريب الدلالة على نبوة نبينا محمد ÷، وبما فيها من الحمد والثناء.
  العباد على عظمته وقوة سلطانه ليذكروه بآلائه، ويحمدوه على إنعامه، فيستحقون به المزيد والثواب الجزيل، وبما فيها من نعت المنعم عليهم بمعرفته وتوفيقهم لطاعته، تعريف عباده أن ما بهم من النعم الدينية والدنيوية كلها منه تعالى ليصرفوا رغبتهم إليه، ويطلبوا حاجتهم من لديه دون ما سواه من الأنداد والآلهة، وبما فيها من ذكر ما حل بمن عصاه من العقوبات ترهيب عباده عن العصيان والتعرض بما لا قبل لهم به من غضب الله وسخطه.
  قال: فهذا وجه إطالة البيان في سورة أم القرآن، وفيما كان نظيراً لها من سائر الفرقان، وذلك هو الحكمة البالغة، والحجة الكاملة.
  قلت: ويدل على أنه لا يكتفي بالآيتين المذكورتين عن سائر آيات الفاتحة ما مر في البسملة من أحاديث: «قسمت الصلاة بيني وبين عبدي ...» فإنها تدل على أن لكل آية معنى وفائدة غير الآية الأخرى، ومن ذلك حديث جابر وهو ما رواه ابن جرير قال: حدثني صالح بن مسمار المروزي، قال: حدثنا زيد بن الحباب، قال: حدثنا عنبسة بن