مسائل مهمة تتعلق بجملة سورة الفاتحة
  قلنا: بل يفيده فيما واظب عليه، لا سيما ومن شأنه ÷ أن يفعل الخلاف لبيان الجواز، فلما لم يرو عنه الترك فيما نحن فيه وهو مما تعم به البلوى، بحيث لو ترك لنقل وجب الحكم بالوجوب اقتداء برسول الله ÷ ولنا به أسوة حسنة، وقد قال: {اتَّبَعُوهُ} ونحوها، ولأن أفعاله في الصلاة بيان المجمل واجب فلا يخرج منها شيء عن الوجوب إلا بدليل، وقد قال ÷: «صلوا كما رأيتموني أصلي»، وأيضاً قد تكرر الأمر بإقامة الصلاة في كتاب الله، واللام فيها للعهد إذ المراد للمعهود والسابق، وهي الصلاة التي أتى بها رسول الله ÷ والصلاة التي أتى بها مشتملة على الفاتحة، فيكون الأمر بإقامة الصلاة أمراً بقراءة الفاتحة.
  الوجه الثالث: أن الخلفاء وسائر الصحابة واظبوا على قراءتها، وذلك معلوم عنهم، وقد مر في البسملة ما يدل على ذلك، ويؤيده ما رواه الرازي في تفسيره، وهو أن النبي ÷ قال: «ألا أخبركم بسورة ليس في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور مثلها» قالوا: نعم، قال: «فما تقرأون في صلاتكم؟» قالوا: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٢}، قال: «هي، هي»، وسيأتي له شاهد في الفضائل، وهو صريح في أن قراءة الفاتحة في الصلاة كانت مشهورة فيما بينهم، وهم قدوة الأمة، والمعرفون بما جاء به معلم الشرع ÷، وفي الحديث دلالة من وجه آخر وهو التقرير.
  الوجه الرابع: أن ذلك مذهب أمير المؤمنين وإجماع أهل بيته من بعده، وذلك حجة كافية، احتجت الحنفية بقوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ}[المزمل: ٢٠] فأوجب القراءة على سبيل التخيير، ولو تعينت الفاتحة