المسألة الخامسة: في ذكر الأدلة وشروط الاستدلال بها
  يقال الحدوث دائر مع التأليف وجوداً وعدماً، أما الوجود ففي البيت، وأما العدم ففي الواجب تعالى.
  والدوران علامة كون المدار علة للدائر فسكون التأليف علة الحدوث، وأما السبر والتقسيم وهو إيراد أوصاف الأصل وإبطال بعضها ليتعين الباقي للعلية، فكما يقال علة الحدوث في البيت إما التأليف أو الإمكان، والثاني: باطل بالتخلف؛ لأن صفات الواجب ممكنة(١) وليست بحادثة فتعين الأول.
  قالوا: والوجهان ضعيفان، أما الدوران فلأن الجزء الأخير من العلة التامة والشرط المساوي مدار للمعلول مع أنه ليس بعلة، وأما التقسيم فلأن حصر العلة في الأوصاف المذكورة ممنوع؛ لأن التقسيم غير مردد بين النفي والإثبات فجاز أن تكون العلة غير ما ذكرت، ثم بعد تسليم صحة الحصر فلا نسلم أن المشترك إذا كان علة في الأصل يلزم أن يكون علة في الفرع الجواز أن تكون خصوصية الأصل شرطاً للعلية، أو خصوصية الفرع مانعة عنها.
  النوع الخامس: في مواد الأقيسة وهي قسمان: يقينية، وغير يقينية، فاليقينية(٢) ستة أقسام:
  أحدها: الأوليات البديهيات وهي ما حكم فيها العقل من غير واسطة كقولنا: السماء فوقنا.
(١) لا يتأتى إلا في صفات الفعل فتأمل. تمت مؤلف.
(٢) المراد بها أن يكون اعتقاده بأن الشيء كذا اعتقاداً جازماً مطابقاً لا يتغير ولذا سمي ضرورياً.
فإن قيل: أليس قد يتوقف فيه.
قيل: إنما يتوقف لعدم تصور الطرفين كما في قولنا: الممكن محتاج إلى مؤثر أو النقصان الغريزة كما في البله والصبيان أو لتدنس الفطرة بالعقائد المضادة. تمت مؤلف.