مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الباب الثاني فيما يتعلق بجملة الفاتحة

صفحة 1159 - الجزء 2

  وأجيب بأن التشريك في العبادة يبطلها لقوله تعالى: {وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ١١٠}⁣[الكهف]، ورد بأن الآية واردة في الرياء والسمعة، كما في كتب التفسير، والخلاف في سائر الأذكار كالقراءة، وكذلك لو قصد بالقراءة خطاب الغير أو الجواب عليه فسدت على المذهب، ونسب القول بفسادها بالخطاب في (البحر) إلى القاسمية وأبي حنيفة، ثم قال: والخلاف فيه كرفع الصوت بالتسبيح.

  قلت: ويستدل للجواز بما في شرح ابن أبي الحديد عن علي # أنه كان يقرأ في صلاة الصبح وخلفه جماعة من أصحابه، فقرأ واحد منهم رافعاً صوته معارضاً قراءة أمير المؤمنين #: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ٥٧}⁣[الأنعام]، فلم يضطرب # ولم يقطع صلاته ولم يلتفت وراءه، ولكنه قرأ معارضاً له على البديهة: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ ٦٠}⁣[الروم].

  وفيه: وروى أنس بن عياض المدني، قال: حدثني جعفر بن محمد الصادق # عن أبيه عن جده أن علياً # كان يوماً يؤم الناس وهو يجهر بالقراءة فجهر ابن الكواء من خلفه: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ٦٥}⁣[الزمر]، فلما جهر ابن الكواء وهو خلفه بها سكت علي #، فلما أنهاها ابن الكواء أعاد علي # فأتم قراءته، فلما شرع علي # في القراءة أعاد ابن الكواء الجهر بتلك الآية فسكت علي #، فلم يزالا كذلك