الباب الثاني فيما يتعلق بجملة الفاتحة
  هذه النية، وجعله للاستحفاظ لا يخرجه عن كونه قرآناً بعد فعل ما أشار إليه الشارع بقوله: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ}[المزمل: ٢٠].
  قلت: ومن الأدلة على ذلك أن الفاتحة قد اشتملت على الذكر والدعاء.
  وقد ذكر العلماء أنه ينبغي استحضار معانيها، ومن جملة ذلك قصد الشكر من المصلي وطلب الهداية والاستعانة، وأيضاً فإن القنوت بالقرآن من جملة أذكار الصلاة، ومن المعلوم أن المقصود به أن المصلي يدعو لنفسه بما اشتملت عليه تلك الدعوات القرآنية، وهي مشتملة على سؤال خير الدنيا والآخرة، الذي من جملته الاستحفاظ والشفاء، ولم يقل أحد بأنه ليس المراد بها إلا التلاوة وأنه لا يجوز للمصلي قصد الطلب لنفسه، بل عباراتهم في الحث على حضور القلب يدل على أنه ينبغي قصد الدعاء وطلب ما اشتملت عليه من الخيرات، على أن أدلة القراءة لم تفصل كما أشار إليه صاحب (اللمع)، وليس قصد الاستشفاء ونحوه مناف للعبادة لأنه في نفسه عبادة، وحديث: قراءة القرآن في الصلاة خير من قراءة القرآن في غير صلاة يدل على ذلك، إذ المراد أن قراءة القرآن فيها خير لما أريدت له القراءة إذ لم يفصل. والله أعلم.
  هذا وأما من يجيز الدعاء في الصلاة بالقرآن وغيره فلا إشكال بجواز ذلك على مذهبه، فإن قلت: فهل يلحق بهذه السورة قراءة من استؤجر على التلاوة فقصد بقراءته في الصلاة أن تكون عما استؤجر عليه؟