مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

مسائل مهمة تتعلق بجملة سورة الفاتحة

صفحة 1268 - الجزء 2

  كأن يقول: اللهم اعطني في الأولى حسنة، وفي الأخرى رحمة، ونجني من النار ونحو ذلك، وقد قال ابن الأمير: الدعاء بأمور الدنيا في الصلاة خطر⁣(⁣١) وذلك أنه قد يلتبس عليه الأمور الجائزة بالمحظورة، فيدعو بالمحظورة فيكون عاصياً متكلماً في الصلاة فتبطل صلاته وهو لا يشعر، ألا ترى أن العامة يلتبس عليها الحق بالباطل، فلو حكم حاكم على عامي بحق فظنه باطلا فدعا على الحاكم بطلت صلاته. قال: وتمييز الحظوظ الجائزة من المحرمة عسر جداً، فالصواب ألا يدعو بدنيا إلا على تثبت من الجواز.

  واستثنى بعض الشافعية من مصالح الدنيا ما فيه سوء أدب كقوله: اللهم اعطني امرأة جميلة هنها كذا⁣(⁣٢)، ثم يذكر أوصاف أعضائها. ولعل المؤيد بالله قصر الدعاء على خير الآخرة لنحو ما ذكر من الخطر، لكنه لا ينبغي التعميم حتى يتناول ما طابق القرآن أو ورد به الأثر، وكذا ما طابقه وما أمن معه الوقوع في المحظور وسوء الأدب لما مر.

  وأما اقتصار الحنفية على المأثور فلحديث: «إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس»، ويحتج لهم أيضاً بما مر من خوف ارتكاب المحظوره وأجيب بأنما في حديث ابن مسعود وخبر (العلوم) من العموم يفيد مطلق الإذن.


(١) بالخاء المعجمة والطاء المهملة. تمت مؤلف.

(٢) الهن: الفرج. تمت مؤلف.