المسألة الثانية: في حكمه بعد الفاتحة في الصلاة وذكر الخلاف فيه
  وقال أبو حنيفة، والكوفيون، ومالك في رواية، وبعض المدنيين: لا يجهر بها. وهو قول الطبري وابن حبيب من المالكية، ورواه في (الجامع الكافي) عن محمد بن منصور ولفظه: قال محمد ثلاثة أشياء تخفى في الصلاة: الاستعاذة، وربنا لك الحمد، وآمين لمن قالها، وقولها عندنا جائز وإن شاء فلا يقلها.
  واحتجوا بأنه دعاء، وقد قال الله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً}[الأعراف: ٥٥].
  وأجيب بأن إخفاء الدعاء إنما كان أفضل لخوف الرياء، وأما ما يتعلق بصلاة الجماعة فشهودها إشهار شعار ظاهر، وإظهار حق يندب العباد إلى إظهاره، وقد ندب الإمام إلى إظهار قراءة الفاتحة المشتملة على الدعاء والتأمين في آخرها، فإذا كان الدعاء(١) مما يسن الجهر فيه فالتأمين على الدعاء تابع له وجار مجراه.
  وفي تفسير القرطبي عن ابن بكير أنه مخير - يعني بين الجهر والإسرار - ولعله يحتج بإطلاق الأمر بقول: (آمين).
  وفي البحر بعد أن حكى مذهب الفريقين في استحبابه أنه يكون تابعا للقراءة في الجهر والإسرار؛ لأنه تابع لها إلا عند أبي حنيفة فيسره.
  الأمر الثالث مما اختلفوا فيه في تأمين المأموم هل يوقعه عند تأمين الإمام أم لا؟ فذهب الجمهور إلى أنه يقارن به تأمين الإمام الحديث: «إذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ...}» الخبر، وقيل: بعده. لظاهر قوله: «إذا أمن الإمام فأمنوا»، ولما مر من قوله: «فأنصتوا».
(١) يعني الذي تضمنته الفاتحة. تمت مؤلف.