{الم 1 ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين 2 الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون 3 والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة
  أو بعضهم وأهل الحديث يتفقون على أن الإيمان اسم لأفعال القلوب والجوارح، والإقرار باللسان، وقد تقدم تقرير مذهب الأئمة $ والمعتزلة. وأما الخوارج فحكى الرازي اتفاقهم على أن الإيمان يتناول المعرفة بالله، وبكل ما وضع الله عليه دليلاً عقلياً، أو نقلياً من الكتاب والسنة، ويتناول طاعة الله في جميع ما أمر به من الأفعال والتروك، صغيراً كان أو كبيراً، فقالوا: مجموع هذه الأشياء هي الإيمان، وترك كل خصلة من هذه الخصال كفر. وأما الإمام المهدي # فحكى عنهم اختلافاً فيما به يكفر من المعاصي، فقالت الفضيلية والبكرية: من ترك الطاعة الله تعالى فيما أمر به أو نهى عنه كفر، وقالت الأزارقة والصفرية: بعض المعاصي ليس بكفر، وإنما الكفر ما ورد فيه وعيد، وقالت النجدات: بل الإيمان الإقرار، والعلم، وترك القبائح العقلية دون الشرعية، قالوا: فإن ارتكب شيئاً من القبائح العقلية كالظلم والكذب كفر. والجواب عليهم جميعاً سيأتي إن شاء الله تعالى عند مفتاح السعادة ذكر ما يصير به الإنسان كافراً.
  وأما أهل الحديث فحكى عنهم الرازي وجهين:
  الأول: أن المعرفة إيمان كامل، وهو الأصل، ثم بعد ذلك كل طاعة إيمان على حدة، وهذه الطاعات لا يكون شيء منها إيماناً إلا إذا كانت مرتبة على الأصل الذي هو المعرفة، وزعموا أن الجحود وإنكار القلب كفر، ثم كل معصية بعده كفر على حدة، ولم يجعلوا شيئاً من الطاعات إيماناً مالم توجد المعرفة والإقرار، ولا شيء من المعاصي كفراً ما لم يوجد الجحود والإنكار؛ لأن الفرع لا يحصل بدون ما هو أصله، وهو قول عبد الله بن سعيد بن كلاب.