{الم 1 ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين 2 الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون 3 والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة
  كان التصديق مجرد التلفظ بقول: صدقت أو نحوه من دون اعتقاد معناه لزم لو تكلم بها من لا يعرف معناها من العجم أن يكون ذلك تصديقاً منه لمخاطبه، والعقلاء يعلمون ببديهة عقولهم أن ذلك ليس بتصديق، فعلمنا أن التصديق إنما حصل بما صدر عنهم من الاعتقاد لا بلفظه، قالوا: ولقوله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا}[الحجرات: ١٤] فاقتضى أن التصديق باللسان ليس بإيمان، ويؤيده قوله تعالى: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ}[الحجرات: ١٤] والداخل في القلب إنما هو المعرفة فقط فصح أنها هي الإيمان.
  والجواب: أنا لا نقول: إن الإيمان مجرد التلفظ، بل نعتبر معه الاعتقاد والعمل، وقد تقدم ما يكفي من الدلالة على اعتبار الثلاثة، ثم إنه يلزمكم أنه يجوز فيمن عرف الله وصدق رسله بقلبه ولم يقر بذلك بل أنكره أن يوصف بأنه مؤمن، ولا قائل به من الأمة.
  قال في (الإحاطة): ولا يجوز أن يكون تصديقاً بالقلب فقط؛ لأن من صدق بقلبه، ولم يظهره عند التهمة من غير منع لم يوصف بأنه مؤمن، وقارب ذلك الكفر.
  قال الإمام (المهدي) #: فإن شرطتم أن ينضم إلى المعرفة الإقرار فهو كقول النجدات. وقال غيلان بن مسلم الدمشقي، والفضل الرقاشي: إنه الإقرار باللسان فقط، لكن شرط كونه إيماناً حصول المعرفة في القلب، قالوا: وليست المعرفة داخلة في مسمى الإيمان. والذي حكاه الإمام المهدي عن الغيلانية أن الإيمان هو الإقرار والمعرفة بما جاء عن الله مما أجمع عليه دون ما اختلف فيه، قالوا: فلا يكون