مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

{الم 1 ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين 2 الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون 3 والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة

صفحة 1417 - الجزء 3

  مؤمناً حيث اختل فيه خصلة من خصال الإيمان نحو أن يجهل شيئاً مما أجمعت عليه الأمة أنه من الدين أو نحو ذلك. وحجتهم أنه لا يحكم بنقل اللفظ عن معناه اللغوي إلا لدليل، ولا دليل يقضي بنقل الإيمان، بخلاف الصلاة والزكاة فإن المعلوم أنها قد نقلت. والجواب ما مر، ويلزمهم أن يكون من أقر بلسانه، وعرف بقلبه، وعاند بالتكبر والحسد، وقتل الأنبياء $ مؤمناً. وقال محمد بن شبيب من المعتزلة: بل هو الإقرار بالله ورسوله، والمعرفة بذلك، وما نص عليه أو أجمع عليه، لا ما استخرج من مفهومات النصوص كالأسماء والأحكام المختلف فيها كلفظ الإيمان والفسق، فالراد لذلك لا يكفر عنده، وهذا كقول أبي حنيفة، سوى أن ابن شبيب جعل المسائل المجمع عليها من الإيمان بحيث لا إيمان لمنكرها، وأبو حنيفة لم يصرح بذلك، وحجته كحجة من قبله، والجواب ما تقدم.

  وقالت الكرامية: بل هو الإقرار باللسان فقط وإن لم يعرف، فالمنافق عندهم مؤمن لإقراره بالله ورسوله وإن كان غير معتقد، وحجتهم أن الرسول ÷ أمر بجهاد الناس حتى يؤمنوا، وفسر إيمانهم الذي به يحقنون دماءهم بأن يقولوا: لا إله إلا الله، فدل على أن الإيمان هو مجرد النطق بالشهادتين، يؤيده قوله ÷ لأسامة لما قتل من نطق بالشهادتين: «هلا شققت على قلبه» يريد أنا غير مأمورين بأن نؤاخذ بما في القلوب، بل من نطق بالشهادتين حكمنا بإيمانه، فصح أن الإيمان هو التصديق باللسان، وإن لم يطابقه الجنان.