{الم 1 ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين 2 الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون 3 والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة
  والجواب: أن هذه المقالة باطلة؛ لمخالفتها لقوله تعالى: {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا}[الحجرات: ١٤] ونحوها، وقد صرح الله تعالى بعدم إيمان المنافق في قوله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ}[المائدة: ٤١] ويلزمهم أن لا يصح وصف الأخرس الأبكم بأنه مؤمن لأنه لم ينطق.
  قال في الإحاطة: ولأن المجنون والطفل قد يصدقان بالقول ولا يوصفان بأنهما مؤمنان. وأما الخبر فوارد في حقن الدماء، وأحكام الدنيا، والكلام فيما به يستحق الثواب والتعظيم، ويأمن به من العذاب الأليم، والمنافق في الدرك الأسفل من النار وهم يقرون بهذا.
  قال الرازي: وزعموا أن المنافق مؤمن الظاهر كافر السريرة، فثبت له حكم المؤمنين في الدنيا، وحكم الكافرين في الآخرة.
  قال الرازي: والذي نذهب إليه أن الإيمان عبارة عن التصديق بالقلب، وهو التصديق النفسي المعبر عنه بالحكم الذهني وهو غير العلم وغير النطق، وبيانه أن قولنا: العالم محدث ليس مدلوله كون العالم موصوفاً بالحدوث، بل حكم القائل بذلك، والحكم بثبوت الحدوث للعالم مغاير لثبوت الحدوث له، وهذا الحكم الذهني يعبر عنه في كل لغة بلفظ خاص مع اختلافِ صيغها، ووحدة الحكم الذهني، وهذا يدل على أنه مغاير لهذه الصيغ والعبارات، ولأن هذه الصيغ دالة على ذلك الحكم، والدال غير المدلول.
  قال: وهذا الحكم الذهني غير العلم؛ لأن الجاهل بالشيء قد يحكم به، فالمراد من التصديق بالقلب هو هذا الحكم الذهني. قال: وبقي