{الم 1 ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين 2 الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون 3 والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة
  هاهنا بحث لفظي، وهو أن المسمى بالتصديق في اللغة هو ذلك الحكم الذهني أم الصيغة الدالة عليه.
  قلت: والظاهر أن هذا الذي يعبر عنه الرازي تارة بالحكم الذهني وتارة بالتصديق النفسي لا يعقل، ولا دليل عليه كالكلام النفسي، وأن العلم غير مغاير للتصديق، بل هو قسم منه؛ لأنهم قسموا التصديق إلى علم، وجهل، وظن، وشك، ووهم، ويعبر عنه بألفاظ مختلفة، ولا أعلم قائلاً بأن التصديق هو الألفاظ(١).
  إذا عرفت هذا فاعلم أنهم لا يريدون أن الإيمان مطلق التصديق، بل التصديق بكل ما عرف بالضرورة كونه من دين محمد ÷ مع الاعتقاد. ذكره الرازي.
  قالوا: والحجة على ذلك أنه في اللغة للتصديق، فلو صار في عرف الشرع لغير التصديق للزم أن يكون في القرآن ما ليس بعربي، وقد قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ}[إبراهيم: ٤] وقال: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا}[يوسف: ٢].
  قلنا: هذه الأسماء الشرعية بلسان قومه؛ وبيانه أنَّ ما هو بلسانهم على ضربين: أحدهما: حقيقة، والثاني: بينهما مشابهة، فيجري عليه، كما يجري الأسد على القوي الباسل، وهو بلسان العرب لما بينهما من المشابهة، وهي القوة، والجراءة التي لهما، وكذلك الصلاة لما كانت مشتملة على دعاء، وفي الأصل هي الدعاء جاز أن تُجرى على هذه
(١) هذا رد لقول الرازي أنه بقي بحث في كون المسمى بالتصديق الحكم الذهني أو الصيغة تمت مؤلف.