{الم 1 ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين 2 الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون 3 والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة
  الغير؛ لأنه قبيح والله تعالى لا يفعل القبيح، فلو كان الحرام رزقاً لكان قد أمر بالإنفاق منه؛ لأن المدح على الفعل يتضمن البعث عليه. وقد اعترض الإمام المهدي # هذا الاحتجاج بأنه إنما يلزم الخصم لو قال: إنه لا يسمى رزقاً إلا الحرام، فأما مع قوله بأن الحلال يسمى رزقاً أيضاً، فهذا الاحتجاج لا ينتهض عليه؛ لأنه في الآية لم يأت بلفظ يعم كل ما يسمى رزقاً، وإنما قال: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ٣}[البقرة] ويحتمل أن البعض الذي تعلق المدح بإنفاقه هو الحلال دون الحرام، فلا يلزم ما ذكروا من أنه يقال: إنما مدح على إنفاق ما كان رزقاً منه لا من غيره؛ لأنه قال: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ٣} والحرام وإن سمي رزقاً فليس رزقاً منه، بل الغاصب هو المرتزق له الذي صيره رزقاً لنفسه، سيما على القول بالعدل، فلا يستقيم هذا الاحتجاج كما ترى. وكذلك احتجاجهم بقوله تعالى: {أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ}[البقرة: ٢٥٤] وهو سبحانه لا يأمر بإنفاق الحرام، يعترض بمثل ما ذكرنا.
  والجواب: أنه إذا ثبت أن الله تعالى لا يفعل القبيح، ولا يأمر به لزم أن الله تعالى لا يرزقنا إلا الحلال؛ لأنه قد نهانا عن تناول الحرام والانتفاع به، فكيف يجعله لنا رزقاً وهو ينهانا عنه، هل هذا إلا خلف، ومناقضة؟ وبيانه أن جعله رزقاً يقتضي جواز الانتفاع به وتناوله؛ لأن الخصم يقول: الرزق ما ينتفع به، والنهي يقتضي المنع من تناوله والانتفاع به، وهذا هو معنى التناقض والاختلاف، وحاشا أحكام الله من ذلك.
  وأما قوله: يحتمل أن البعض الذي تعلق المدح بإنفاقه هو الحلال