مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1475 - الجزء 3

  قال الإمام المهدي: وهذا الحد مبهم لا يعرف به الكفر على جهة التفصيل، بل يقف على معرفة الأنواع التي يستحق عليها أعظم أنواع العقاب، وهي لا تعرف إلا حيث يقوم الدليل على أنها كفر، فيلزم الدور؛ إذ لا يعرف الكفر إلا بمعرفتها، وهي لا تعرف إلا حيث توصف بأنها كفر؛ إذ لم يرد في الكتاب والسنة في شيء من المعاصي أنه يستحق عليها أعظم أنواع العقاب، وإنما يعرف ذلك في المعاصي حيث توصف بأنها كفر.

  قال الإمام المهدي: ونحن نأتي له بحد يكشف عن تفاصيله، ولا يلزم منه دور فنقول: الكفر هو الخلو عن معرفة الله تعالى، أو نبوة نبيه، أو الاستخفافُ بالله، أو بنبيه، أو بشيء مما جاء به، أو تكذيبُه بشيء مما علم ضرورة أنه جاء به بقول، أو فعل، أو اعتقاد، أو تعظيمُ غير الله كتعظيمه، أو الدخولُ في الشعار المختص بمن هو كذلك جرأة وتمرداً.

  قال #: فقولنا: هو الخلو عن معرفة الله تعالى دخل فيه كفر من لم يعرف أن له صانعاً صنعه، ولم يصدر منه تكذيب للنبي ÷ ولا تصديق، وقولنا: أو نبوة نَبيَّه دخل فيه كفر من عرف الله تعالى ولم ينظر في صدق النبي ولا كذبه بل أعرض عن ذلك، فإنه لا يدخل إلا بهذا القيد، وقولنا: أو الإستخفاف بالله تعالى دخل فيه كفر من عرف الله، ونبوة نَبيَّه، ولكن وصفه بأنه بخيل أو فقير أو ظالم أو نحو ذلك، تمرداً لا اعتقاداً، بل تهاوناً بعظمته تعالى فإنه لا يدخل إلا بهذا القيد، وقولنا: أو نَبيَّه دخل فيه كفر من سب النبي ÷ أو لطمه أو نحو ذلك مع اعترافه بنبوته فإنه لا يدخل إلا بهذا القيد،