المسألة السادسة: في التحسين والتقبيح العقليين
  قاطعاً بذلك في حق من لا يصح عليه النفع والضرر ولا ظاناً.
  قلت: وظاهر كلامهم أنهم إنما ينازعون في وجوب شكر الباري تعالى، وقد استدل لهم في (الأساس) وشرحه بوجهين:
  أحدهما: أنه لو وجب عقلاً لوجب لفائدة، وإلا كان عبثاً وهو قبيح عندكم، ولا يجوز أن يكون لفائدة؛ لأنها إما الله تعالى فهو غني عنها، وإما للعبد فهي غير حاصلة له، أما في الدنيا فلأن الشكر مشقة لاحظ للنفس فيه، وأما في الآخرة فلا نعرفها؛ إذ لا مجال للعقل.
  قلت: وهذه الحجة أوردها الشرفي، وفي الاحتجاج لهم بها نظر؛ لأنها غير مطابقة لدعواهم لأنهم إنما يدعون عدم معرفتهم لوجوبه، وهذه تقتضي قبحه لانتفاء الفائدة على هذا التقرير، وهم لا ينفون الحسن عنه على معنى كونه صفة كمال، فإن قيل: إنهم لم يريدوا بذلك إلا إلزام العدلية أن القول بوجوبه يؤدي إلى قبحه.
  قيل: ما لزم على القول بالوجوب لزم على القول بمطلق الحسن، اللهم إلا أن يقولوا إنه يحسن لغير فائدة.
  إذا عرفت هذا فإنا لا نترك الجواب عن هذه الحجة على فرض صحة الاحتجاج بها، فنقول أولاً أنّا قد عرفنا الوجوب فلا يضرنا جهلكم، وثانياً: أنا لا نسلم عدم الفائدة، ونقول هي للعبد وهي استحقاق المدح والسلامة من الذم والتحلي بصفة الكمال والسلامة من صفة النقص على أصلكم مع الثواب آجلاً، والسلامة من العقاب كذلك، ولا نسلم أن العقل لا يدرك استحقاقهما، وإنما بنيتم هذا على أصلكم