مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1485 - الجزء 3

  وينتفي بانتفائه تعين كونه العلة قطعاً، وإذا تعينت وجب اطرادها فحيث تحصل يحصل الحكم فيصح القياس.

  قال الإمام المهدي #: والخصم لا ينازع في ذلك، وإنما ينازع في إمكان إبطال كل قسم، فإنه إذا ادَّعى في هذه الصورة أن العلة أمر آخر غير اللفظ والمعنى، أو اللفظ والمعنى مع أمر آخر لا نعلمه، فإنه لا سبيل لنا إلى إبطال ذلك الأمر المجوز إلا بأنه لا طريق إليه، وما لا طريق إليه يجب نفيه، وهذه الطريقة غير صحيحة عندهم؛ لأن عدم العلم ليس علماً بالعدم، ورد بأن الأوصاف العقلية والشرعية مما لا يخفى على الباحث. وأما قولهم: إنه يجوز تعلق المصلحة بأن لا يعلم وجه المفسدة كما جاز ذلك في وجه المصلحة، فقال الإمام المهدي #: بل يمتنع ذلك؛ لأن في تجويز ثبوت أمر لا طريق لنا إليه قدحاً في كل علم مكتسب، بل في الضروريات، لكن قد لا يجب العلم بتفاصيله؛ لقيام العلم بجملته مقام العلم بالتفاصيل، كما قلنا: إن وجه وجوب الصلاة كونها داعية إلى الواجبات العقلية، أو بعضها، وإن لم يعلم الواجب الذي تدعو إليه بعينه ولا كميته، فالعلم الجملي ناب مناب ذلك.

  قلت: هذا بناءٌ على أصله # في وجه وجوب الواجبات الشرعية. ومن حجج المانعين من التكفير بالقياس ما ذكره الموفق بالله # من أنه يلزم إثبات اسم الكافر بالقياس، وأجاب # بأنه ليس في ذلك ما ينكر إذا كان القياس دليلاً معلوماً، قاطعا للعذر، مفضيا إلى اليقين.