مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة السادسة: في التحسين والتقبيح العقليين

صفحة 144 - الجزء 1

  الفاسد، والمعلوم عند كل عاقل أن الشكر من أسباب المزيد، والكفران من أسباب الحرمان، ولا شك أن فاعل الإحسان يجد عنده فرقاً جلياً بين من قابل إحسانه بالثناء ونحوه، وبين من قابله بالذم والإساءة إليه.

  وفي عهد علي # للأشتر: (ولا يكونن المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء، فإن في ذلك تزهيداً لأهل الإحسان في الإحسان، وتدريباً لأهل الإساءة على الإساءة، وألْزِِمْ كلاً منهم ما ألزم نفسه). رواه في النهج⁣(⁣١)، وكفى به دليلاً على الفائدة.

  وكان يقال: قضاء حق المحسن أدب للمسيء، وعقوبة المسيء جزاء للمحسن، وقال الشاعر:

  نبئت عمراً غير شاكر نعمتي ... والكفر مخبثة لنفس المنعم

  وقال الصبابي: إذا لم يكن للمحسن ما يرفعه وللمسيء ما يضعه زهد المحسن في الإحسان، واستمر المسيء على الطغيان.

  قالوا: لا يؤمن أن يعاقب على الشكر لأنه تصرف في ملك الغير بغير إذنه.

  قلنا: بناءً على أصل فاسد وهو منع الحكم العقلي؛ إذ التجويز⁣(⁣٢) على إثباته⁣(⁣٣) منتف لأن الشاكر محسن، ومعاقبة المحسن قبيحة عقلاً.


(١) نهج البلاغة ص (٤٣٠).

(٢) أي تجويز العقاب على القول بثبوت الحكم العقلي منتف تمت مؤلف.

(٣) أي على إثبات الحكم العقلي. تمت مؤلف.