قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}
  على أنه محدث فهو أن هذا القرآن المتلو في المحاريب، والمعروف بين المسلمين قد وجد ونزل على النبي ÷، وهذا معلوم ضرورة، فلا يخلو إما أن يكون لوجوده أول أو لا، إن كان لوجوده أول فهو محدث، وإن لم يكن لوجوده أول فهو قديم، ولا يجوز أن يكون قديماً؛ إذ لا قديم إلا الله، فتعين حدوثه إذ لا واسطة، ولأن الله تعالى أخبر عن الذين كفروا بصيغة الماضي كما مر، وهذا يقتضي كون المخبر عنه متقدماً على الخبر، وإلا كان كذباً، والقديم يستحيل أن يكون مسبوقاً بغيره، فهذا الخبر يستحيل أن يكون قديماً، فيجب أن يكون محدثاً، ولأنه سبحانه قد ذكر حدوثه ونزوله فقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ٩}[الحجر] والمنزل محدث بدليل: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ}[الزمر: ٦]، ونحوها، ولأن الله تعالى قد أشار إليه فقال: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ}[الحشر: ٢١] ولا إشكال في حدوث هذا المشار إليه؛ لأنه فعل من أفعال الله تعالى، والفعل محدث؛ لأنه لا بد من تقدم فاعله عليه، وما تقدم غيره عليه فهو محدث بالضرورة، وأيضاً هو مرتب بعضه بعد بعض، منظوم من حروف مؤتلفة، وما تقدم من الأشياء على غيره دل على حدوث ما بعده؛ لأن المحدث ما سبقه في الوجود غيره.
  قال في (شرح الأصول): يبين ذلك أن الهمزة في قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} متقدم على اللام، واللام على الحاء، وذلك مما لا يثبت معه قدم، وهكذا الحال في جميع القرآن، ولأنه سور مفصلة،