قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}
  وآيات مقطعة، له أول، وآخر، ونصف، وربع، وسدس، وسبع، وما يكون بهذا الوصف كيف يجوز أن يكون قديماً، وقد دل الله على ذلك في محكم كتابه فقال: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ}[الأنبياء: ٢] والذكر هو القرآن بدليل قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ٩}[الحجر] فقد وصفه بأنه محدث، ووصفه أيضاً بأنه منزل، والمنزل لا يكون إلا محدثاً، وفيه دلالة على حدوثه من وجه آخر؛ لأنه قال: {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ٩}[الحجر] فلو كان قديماً لما احتاج إلى حافظ يحفظه، ويدل على ذلك أيضاً قوله تعالى: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ}[هود: ١] بين كونه مركباً من هذه الحروف، وذلك دلالة على حدوثه، ثم وصفه بأنه كتاب أي مجتمع من كتب، ومنه سميت الكتيبة كتيبة لاجتماعها، وما كان مجتمعاً لا يجوز أن يكون قديماً، ووصفه بأنه محكم والمحكم من صفات الأفعال، وقد قال بعد ذلك: {ثُمَّ فُصِّلَتْ} وما كان مفصلاً كيف يجوز أن يكون قديماً، وأظهر من هذا قوله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ}[الزمر: ٢٣] وصفه بأنه منزل أولاً، والقديم لا يجوز عليه النزول، ثم قال: {أَحْسَنَ الْحَدِيثِ}، والحسن من صفات الأفعال، ووصفه بأنه حديث وهو والمحدث واحد، في أنه مناقض للقديم فهو صريح ما ادعينا، وسماه كتاباً وذلك يدل على حدوثه كما تقدم، وقال: متشابهاً أي يشبه بعضه بعضاً في الإعجاز والدلالة على صدق من ظهر عليه، وما هذا حاله فلا بد من أن يكون محدثاً.