مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1500 - الجزء 3

  قال العلامة ابن أبي الحديد: وليس للمخالف أن يقول: ليس المراد بقوله: أحسن الحديث ما ذكرتم، بل المراد أحسن القول، وأحسن الكلام؛ لأن العرب تسمي الكلام والقول حديثاً؛ لأنا نقول لعمري إنه هكذا، ولكن العرب ما سمت القول والكلام حديثاً إلا أنه مستحدث متجدد حالاً فعالاً، ألا ترى إلى قول عمرو لمعاوية: قد مللت كل شيء إلا الحديث، فقال: إنما يمل العتيق، فدل ذلك على أنه فهم معنى تسميتهم الكلام والقول حديثاً، وفطن لمغزاهم ومقصدهم في هذه التسمية، وإذا كنا قد كلفنا أن نجري على ذاته وصفاته وأفعاله ما أجرى سبحانه في كتابه، ونطلق ما أطلقه على سبيل الوضع والكيفية التي أطلقها، وكان قد وصف كلامه بأنه حديث، وكان القرآن في عرف اللغة إنما سمي حديثاً لحدوثه وتجدده فقد ساغ لنا أن نطلق على كلامه أنه محدث ومتجدد، وهذا هو المقصود. وبقي الكلام في صحة إطلاق لفظ مخلوق على القرآن، فنقول: إذا قد صح حدوثه فلا يمتنع وصفه بأنه مخلوق؛ لأن الخلق في اللغة هو التقدير، والمخلوق هو المقدر بالغرض، والداعي المطابق له على وجه مخصوص لا يزيد عليه ولا ينقص منه يقال: خلقت الأديم هل يجي منه مطهرة أم لا.

  وقال الحجاج مفتخراً على غيره: إني إذا وعدت وفيت، وإذا خلقت فريت، أي إني إذا قدرت قطعت، وقال زهير:

  ولأنت تفري ما خلقت وبعـ ... ـض القوم يخلق ثم لا يفري