مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1501 - الجزء 3

  وقال غيره:

  ولا يبط بأيدي الخالقين ولا ... أيدي الخوالق الاجيد الأدم

  وهذه الجملة تدل على أن الخلق إنما هو التقدير، ومثله قوله تعالى: {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ}⁣[المائدة: ١١٠].

  وقوله: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ١٤}⁣[المؤمنون] أي المقدرين، وإذا كان الخلق بمعنى التقدير كان المخلوق بمعنى المقدر وأنه مشتق منه، وإذا كان هكذا صح وصف القرآن بأنه مخلوق؛ لأنه مقدر مرتب، منزل على مقدار معلوم، مطابق لمصالح العباد، وقد دل الكتاب والسنة على ذلك.

  قال الله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}⁣[الرعد: ١٦].

  وقال: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا}⁣[الفرقان: ٥٩].

  قال الهادي #: وكذلك القرآن؛ لأنه شيء وهو بين السماوات والأرض، وليس من أعمال العباد التي أضافها الله إليهم في كتابه، ولا من صنعهم الذي نسبه الله إليهم، فهو داخل في الآيتين؛ لأن الله تعالى وصفه بالإنزال كما وصف الماء والحديد وغيرهما بالإنزال، وكل ذلك مخلوق، فيجب في القرآن مثله.

  وقال تعالى: {وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا}⁣[الشورى: ٥٢] وقال: {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ}⁣[الأنعام: ١] فأخبر أنه نور، والنور مخلوق، وقال: وجعلناه، وقال: {جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا}⁣[الزخرف: ٣] وقال: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا}⁣[الأعراف: ١٨٩].