قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}
  يعملون، وإنا وجدنا الله يقول في كتابه: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ١٠٩}[الكهف] وقال: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ٢٧}[لقمان] وقال {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ٤٠}[النحل] فإذا كان القرآن يكون بكن، ويكون كن بكن، فمتى يتناهى علم من رجم بالغيب في معرفة كينونة القرآن من ذات الله تعالى.
  وقد قال علي صلى الله عليه: (يا بردها على الكبد إذا سئل المرء عما لم يعلم أن يقول: الله أعلم) هكذا حكاه في الجامع الكافي عن الحسن #. ومن أدلتهم ما روي عنه ÷ أنه قال: «من قال: إنه مخلوق كفر».
  وأجيب بأنه قد ثبت بما تقدم أن الخلق هو التقدير، والمخلوق هو المحدث المقدر، وأما استعماله بمعنى الكذب فهو مجاز، وذلك لا يمنع من وصف القرآن بأنه مخلوق على الوجه الذي يصح ويسلم.
  وأما قوله تعالى: {إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ ١٣٧}[الشعراء] فليس المراد به المكذوب، وإنما هو قول منكري البعث الذين قالوا: إن نحن إلا كالأولين ممن مضى.
  وأما قولهم: قصيدة مخلوقة، فليس الغرض به أنها مكذوبة، بل المراد أنها منسوبة إلى غير قائلها، كما يقال: قصيدة منحولة ومصنوعة، أي منسوبة إلى غير قائلها، ألا ترى أنها لو اشتملت على الأوامر