مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة السادسة: في التحسين والتقبيح العقليين

صفحة 146 - الجزء 1

  عَلَيْكَ عَظِيمًا ١١٣}⁣[النساء] ونحوها، وقد ألزمهم الإمام القاسم بن محمد $ الكفر بمقالتهم هذه لردهم لهذه الآية، وألزمهم أيضاً أن يجعلوا لله صفة نقص حيث أمر أن يسخر به في قوله: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ١١}⁣[الضحى].

  قلت: وفيه نظر لأنهم لا ينفون وجوبه مطلقاً، وإنما نفوا وجوبه العقلي، وقد عرفت أن هذه الحجة غير مطابقة لدعواهم، ولا أظن أنهم يحتجون بها، سيما الرازي، ولعل المتكلف لها بعض أتباعهم على غير بصيرة، وغره أن فيها إبطال دعوى الوجوب بلزوم القبح، ولم يتنبه للزوم القبح على أصلهم. والله الموفق.

  واعلم أن القول بأن وجوب شكر المنعم مما يقضي به العقل قضية مبتوتة هو قول أمير المؤمنين #.

  قال #: (لو لم يتوعد الله على معصيته لكان يجب ألّا يعصى شكراً لنعمته). رواه في النهج⁣(⁣١).

  وناهيك به إماماً وهادياً، ودالاً على الصدق وداعياً، معدن كل حكمة، ومصباح كل ظلمة، ومفتاح كل مبهمة، ودفاع كل معضلة ~.

  الحجة الثانية: لو لم يكن القبح عقلياً لجاز كذب الصادق وتصديق الكاذب، فلا يوثق بخبر الله تعالى ولا يعلم صدق نبي الجواز الكذب على الله سبحانه، وخلق المعجز على يد الكاذب، وفي ذلك إبطال


(١) نهج البلاغة ص (٥٢٧).