قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}
  والدال اللام والحاء حتى لا يلتبس بالمدح، ومعلوم أنما هذا سبيله لا يجوز أن يكون قديماً.
  واعلم أن الرازي قد أورد سؤالاً على ما احتج به أصحابنا من الآية التي نحن بصدد شرحها ونحوها مما أخبر الله به عن شيء ماضٍ حاصله: أن الله عالم في الأزل بأن العالم سيوجد، فلما أوجده انقلب العلم بأنه سيوجد علماً بأنه قد وجد، ولم يلزم حدوث علم الله تعالى، فلم لا يجوز في الخبر مثله.
  والجواب: أنا لا نسلم أن علم الله بأنه سيوجد انقلب بعد وجوده علماً بأنه قد وجد؛ القيام الدليل على أن علم الله لا يتغير، وأن علمه بوجود الشيء في المستقبل هو علمه بوجوده إذا وُجد.
  وإنما تختلف العبارة عنه فقط كما تختلف عن الوقت الواحد نحو: غداً إذا كان بعد يومك، واليوم إذا صار نفس يومك، وأمس إذا صار قبله، وكما تقول للسطح: إنه فوق، إذا كنت تحته، وتحت إذا كنت فوقه، وكذلك يمين وشمال، وخلف وأمام، ونحو ذلك.
  والدليل على ذلك أن علمه ذاته على مذهب قدماء العترة $ أو هو عالم لذاته على مذهب المعتزلة، وعلى المذهبين فلا يمكن تغييره، بخلاف الخبر فإنه يتغير؛ وبيانه أن الخبر الموضوع للدلالة على الماضي غير الخبر الموضوع للدلالة على الاستقبال، كما أن صيغة الخبر في الجملة مخالفة لصيغة الأمر، وحينئذٍ لا يصح القياس(١). ثم إن السؤال مبني على قدم كلام الله، وأنه صفة ذاتية كالعلم، وقد عرفت بطلان ذلك كله مما مر.
(١) إذ لا يقاس ما يتغير على ما لا يتغير. تمت مؤلف.