مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1511 - الجزء 3

  فإن قيل: إن الرازي وأصحابه لم يقولوا بتغير العلم؛ لأنهم ذكروا في جواب السؤال الذي أوردوه أن أبا الحسين البصري وأصحابه يقولون: إن العلم يتغير عند تغيير المعلومات، ثم ردوه بأنا لو قلنا: إن العلم يتغير بتغير المعلوم لكنا إما أن نقول: إن العلم بأن العالم سيوجد كان حاصلاً في الأزل أو لا، إن كان الثاني فهو تصريح بالجهل، وذلك كفر، وإن كان الأول فزواله يقتضي زوال القديم، وذلك سد باب إثبات جذور العالم.

  والجواب: أما التغير فقد أثبتوه بقولهم: انقلب العلم بأنه سيوجد علماً بأنه قد وجد؛ إذ لا معنى للتغير إلاَّ هذا، وأما ما أوردوه في الرد على أبي الحسين فهو مبني على ما حكوه عنه من القول بتغير العلم؛ وهو غلط، فإن أبا الحسين لم يقل بذلك، وإنما قال: إن العلم تبع للمعلوم على معنى البدلية، فإنك إذا فرضت مثلاً لعبد فعلا عرفت أن الحاصل في علم الله هو ذلك الفعل، ومتى فرضت ضده بدلاً عنه عرفت أن الحاصل في علم الله هو ذلك الضد، فهذا فرض علم بدلاً عن علم آخر، لا أنه تغير العلم. والله أعلم.

  وأما أهل القول الخامس، وهم المطرفية فقالوا: القرآن عرض، والعرض لا يجوز عليه البقاء، وإنه إجالة الألسن، ولا يقوم بنفسه، ولا يقطع المسافة، وإن الحروف كانت قد حصلت مع الناس قبل نزوله. قالوا: فصح أن الحروف هي الحكاية دون المحكي،