مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1512 - الجزء 3

  واستدلوا على أنه لا يسمع الكلام، ويسمع المتكلم بقوله تعالى: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ}⁣[آل عمران: ١٩٣] وبقوله تعالى: {سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ٦٠}⁣[الأنبياء].

  قال الإمام أحمد بن سليمان #: والحجة عليهم من العقل أنهم مجمعون معنا على أن حجج الله على خلقه ثلاث، وهي:

  العقل، والكتاب، والرسول.

  وهم أيضاً مجمعون معنا على أن الله تعبد المكلفين بمعقول ومسموع، فنقول: لا يخلو الكتاب والمسموع كله أن يكون الكلام أو المتكلم، فإن قالوا: هو المتكلم نفسه أوجبوا أن كل متكلم بالمسموع حجة في ذاته فيصير كل إنسان ممن يتكلم بالمسموع حجة الله بذاته، وهذا ما لا يتكلم به عاقل، وإن قالوا: الحجة الملك الذي لم يفارق القرآن قلبه، أو القرآن الذي في قلبه لم يفارقه، قلنا: فليس هو بمسموع؛ الأنا لم نسمع الملك، وإذا لم ينزل القرآن ولم يفارقه فليس بحجة، فبطل أن يكون المتكلم حجة إلا الرسول ونحن فلم نسمعه بذاته، لكنا سمعنا كلامه وما جاء به؛ إذ لم نشاهده؛ فصح أن الحجة هو الكلام المسموع. ومن الكتاب قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ}⁣[الأعراف: ٢٠٤] وأمثالها. فإن قالوا: ذلك المسموع مجاز عن الحقيقة وهى ما قلنا.