مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الرابعة [في مسألة تكليف ما لا يطاق]

صفحة 1515 - الجزء 3

  قال الإمام المهدي: وكانت المجبرة لا تلتزم القول بجواز تكليف ما لا يطاق وإن أنكروا القبح العقلي، بل يقضون بمنعه، ويعللون ذلك بعلل غير القبح العقلي، حتى صرح أبو الحسن الأشعري بجوازه.

  قال #: وهو مطابق لقياس مذهبهم؛ لأنهم إذا لم يحكموا بقبح إلا من جهة السمع لزمهم أن لا يستقبحوه قبل ورود السمع به. قال #: والأقرب أنهم لا ينكرون استقباح العقل إياه، لكنهم يفسرون القبح بنفرة الطبع عنه. وأما الغزالي فعلل قبحه بأن طلبه فرع على تصوره، وتصوره من العاجز محال فطلبه منه محال، ولهذا يستحيل طلب الحركة من الشجرة.

  واختلف أصحابنا في العلم بقبحه، هل هو ضروري أم استدلالي؟

  فقال أبو الحسين ومن تابعه: هو معلوم بالضرورة، في الشاهد والغائب، فلا يحتاج إلى الاستدلال، إلا على جهة البيان والتوضيح لما حصل بالعلم الضروري؛ بنحو: ما في شرح الأصول وغيره، وهو أن كل عاقل يعلم بكمال عقله قبح تكليف الزمن بالمشي، وتكليف الأعمى بنقط المصحف على وجه الصواب، قال: والدافع له مكابر جاحد للضرورة، ومن هذا سبيله لا يناظر، ولهذا فإن النظام لما ناظر مجبرياً فانتهى بهما الكلام إلى أن قال له المجبري: ما الدلالة على قبح تكليف ما لا يطاق سكت النظام، وقال: إن الكلام إذا بلغ إلى هذا الحد فإن الوجه أن يضرب عنه رأساً؛ فإذاً لا كلام في ذلك، وإنما الكلام في وجه قبحه، فعندنا أنه إنما يقبح لكونه تكليفاً لما لا يطاق، بدليل أنا متى عرفناه على هذه الصفة عرفنا قبحه، وإن لم نعلم شيئاً آخر،