قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}
  ومتى لم نعرفه بهذه الصفة لم نعرف قبحه، وإن عرفنا. ما عرفنا فيجب قبحه أيضاً في حق الله تعالى لحصول العلة الموجبة لقبحه. لا يقال: لو كان ضرورياً لم يخالف فيه عاقل؛ لأنا نقول: لا يمتنع في ما لم يعلم ضرورة بالجملة أن يشتبه حاله على بعض العقلاء في بعض الأعيان لعارض. وقال قاضي القضاة والبصرية: أما في الشاهد فهو ضروري، وأما في الغائب فبالرد إلى ما علم ضرورة.
  قال الإمام المهدي #: وهو الصحيح، وظاهر (شرح الغاية) أن ثمة قائلاً باحتياجه إلى الاستدلال مطلقاً، ثم بين أدلتهم فقال: منها: أن المحال لا يمكن وجوده في الخارج من المكلف، وكل ما لا يمكن وجوده في الخارج من المكلف لا يطلب، فالمحال لا يطلب، أما الصغرى فضرورية، وأما الكبرى فلأن الطلب عبث قبيح لا يجوز على الله تعالى، كما تقرر في مسألة الحسن والقبح. ومنها: ما احتج به ابن الحاجب في مختصر المنتهى؛ قال سيلان: وهو قوله: لنا لوصح التكليف في المستحيل لكان المستحيل مستدعى الحصول، واللازم باطل ... إلخ.
  قال الحسين بن القاسم #: لكنه لا يوافق عموم الدعوى، كما لا يخفى، وقد استدل هنا بالسمع.
  قيل: وفي الاستدلال به نظر؛ لأنه إنما ينفي الوقوع لا الجواز العقلي، ولأن الاستدلال به في المسائل التي تقف صحة السمع عليها لا يصح، وهذه منها؛ لأن نفي تكليف ما لا يطاق مبني على كون الله تعالى عدلاً حكيماً لا يكذب، وذلك يتوقف على الحسن