المسألة السادسة: في التحسين والتقبيح العقليين
  الشرائع، وبعثة الرسل؛ إذ لا يتميز صدقه تعالى عن كذبه، ولا النبي من المتنبئ، وهذه الحجة إلزامية.
  فإن قيل: نحن نسلم امتناع ذلك، لكن لا لما ذكرتم، بل لأنه صفة نقص والنقص على الله محال.
  قيل: لا شك أن كل نقص مذموم، وأن أصحاب الكمال محمودون لكمالهم، وأصحاب النقص مذمومون بنقصهم، فجوابكم هذا تسليم للمدعى وهو القبح العقلي، ولهذا قال (ابن تاج الشريعة): إن إنكار (الأشعري) الحسن والقبح بمعنى أنهما صفتان لأجلهما يحمد أو يذم الموصوف بهما في غاية التناقض، يعني مع تسليمه الحسن والقبح بمعنى الكمال والنقصان.
  وقال في (المواقف) وشرحه: إنه لم يظهر له فرق بين النقص في الفعل والقبح العقلي فيه، فكيف يصح التمسك في دفع الكذب عن الكلام اللفظي بلزوم النقص في أفعاله(١) تعالى، هذا معنى كلامه.
  فإن قيل: نحن نقطع بامتناع ظهور المعجز على يد الكاذب لكن لا للقبح العقلي، ولا لكونه صفة نقص، بل للعادة والتجربة.
  قيل: إن أردت أن التجربة أفادتك أن المعجزة لا تظهر إلا على صادق، وأن الله تعالى لا يخبر إلا بالصدق، فهذا لا يفيدك لأن السؤال وارد على نبوة كل نبي، وعلى كل خبر من جهته تعالى، فما ذلك على صدق الجزئيات حتى حصل لك العلم بالأمر الكلي الصادر عن التجربة.
(١) أي مع نفي القبح العقلي. تمت مؤلف.