قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}
  أو العدم بسبب العلم كان العلم مؤثراً في المعلوم، وقد بينا بطلانه فيما تقدم، ويلزم أيضاً أن نجمع على الشيء الواحد كونه من الممكنات وليس من الممكنات، وهو محال.
  الطريقة الثالثة: إن وجود الإيمان يستحيل مع العلم بعدمه؛ لأنه لا يكون علماً إلا إذا طابق المعلوم، ولا يطابق إلا إذا عدم الإيمان؛ إذ لو وجد مع العلم بعدمه لزم أن يكون الإيمان موجوداً معدوماً، وهو محال فالأمر به والحال هذه أمر بالجمع بين الضدين، بل بين الوجود والعدم، وقد وقع الأمر به، فثبت ما قلنا وهو التكليف بما لا يطاق، وأنتم توافقون على أن الجمع بين الضدين مستحيل لذاته.
  والجواب من وجوه:
  أحدها: أن التكليف بالشيء فرع على تصوره؛ لأنه مطلوب الحصول، وكل مطلوب حصوله لا بد من تصوره، والجمع بين الضدين مما يستحيل تصوره؛ لأنه لا يتصور إلا مثبتاً، ويلزم منه تصور الأمر على خلاف ماهيته، فإن ماهيته وهي كونه جمعا بين الضدين تنافي ثبوته، وإلا لم يكن ممتنعاً لذاته فما يكون ثابتاً متصوراً فهو غير ماهيته، وحاصله أن تصور ذاته مع عدم ما يلزم ذاته لذاته وهو عدم تصوره فإنه لازم للمستحيل لذاته، يقتضي أن تكون ذاته غير ذاته، ويلزم قلب الحقائق.
  قال في شرح الغاية: وتوضيحه أنا لو تصورنا أربعة ليست بزوج وكلما ليس بزوج ليس بأربعة، هذا خلف.