مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1522 - الجزء 3

  والجواب من وجوه:

  أحدها: أنهم لم يكلفوا بالإيمان بتفاصيل ما نطق به القرآن حتى يلزم أن يكلفوا بالإيمان بعدم إيمانهم المستمر، بل بالإيمان بجميع ما جاء به النبي ÷ إجمالاً، على أن كون الموصول عبارة عنهم ليس معلوماً لهم.

  الوجه الثاني: ذكره الإمام المهدي # وهو أن هذا خطاب للرسول ÷ لا لهم، فلا يكونون مكلفين باعتقاد مضمون هذا الخطاب؛ لأنه خطاب لغيرهم.

  قال #: وهذا الجواب أولى من جواب أصحابنا بالتسليم أنه أخبرهم بأنهم لا يؤمنون ولم يكلفهم العلم بذلك؛ لأن من البعيد أن يخاطب الله العبد بما لا يريد منه اعتقاد مضمونه. ذكر معنى هذا في درر الفرائد.

  الوجه الثالث: أن السبب في الإخبار بعدم إيمانهم هو كفرهم؛ إذ لو لم يكونوا كفاراً لما أخبر به، وذلك معلوم ضرورة، فإن كل عاقل يعلم بضرورة عقله أن كل من كان على حالة، وأخبر مخبر أنه عليها أن سبب الإخبار بذلك كونه عليها، لا كما زعمتم من أن الإخبار المذكور سبب للكفر، وإذا لم يكن سبباً للكفر لم يلزم التكليف له بالكفر مع الإيمان حتى يلزم ما ذكرتم من الجمع بين النفي والإثبات، بل غايته أنه كلفهم بالعلم بحالتهم التي اقتضت الإخبار بأنهم عليها، وقبحها وزجرهم عنها، وهي كفرهم الحاصل منهم المتقدم على الإخبار، وبالإيمان بالله، والإيمان يحصل بأن يخرج من هذه الحالة