قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}
  قلت: هذا الذي أراده الرازي من الخبر بعينه فخذ جوابه من أهله ومحله.
  قال #: فإن أراد ذلك، فهو باطل لما قدمنا من أن العلم لا يؤثر في المعلوم، وإنما يتعلق به على ما هو به والدليل على ذلك وجوه:
  منها: أن العلم كالرؤية في هذا الباب، فإن الرائي إذا رأى الشيء يرى الشيء على ما هو به، وكذلك العالم فكما أن الرؤية لا توجب المرئي ولا يسوق الرائي إلى حصول الشيء لأجل الرؤية، فكذلك العلم، ولهذا فإن النبي ÷ الله لو علم بأن زيداً يدخل الدار غداً، أو علم غيره بذلك لم يصح وصف علمه بأنه سائق لزيد إلى الدخول، ولا ينسب دخوله إلى من علم وقوعه بوجه من الوجوه؛ لأن العلم يتعلق بالمعلوم على ما هو به، وفي هذا المعنى ما روي عن عبد الله بن عمر أنه قال: قال رسول الله ÷: «مثل علم الله فيكم كمثل السماء التي تظلكم والأرض التي تقلكم فكما لا تخرجون مما بين السماء والأرض لا تخرجون من علم الله، وكما لا تحملكم السماء والأرض على الذنوب لا يحملكم علم الله عليها».
  ومما يبين لك أن العلم ليس بموجب للمعلوم أنه لو كان موجباً للمعلوم للزم أحد محالين:
  أحدهما: أن الله لما كان عالماً فيما لم يزل بعلم قديم على مذهبك وجب أنه يوجد العالم فيما لم يزل، ويكون العالم قديما وذلك محال، وإما أن يكون تعالى عالماً بعلم محدث وجب حدوث العالم عند وجوده، وذلك محال آخر، ولا مخلص من هذين المحالين إلا القول