قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}
  بأن العلم غير موجب للمعلوم، وأيضاً فلو كان العلم موجباً للمعلوم، وقد يشترك العالمون في العلوم فتكون علومهم موجبة لوجوده، ويكون مضافاً إلى جميعهم؛ لأن الموجبات لا تختلف في إيجابها بالفاعلين، وإلا جاز أن يتحرك الجسم بحركة وسكون من زيد وعمرو، ولأن إيجاب العلل مما يرجع إلى ذواتها، فلو وجدت غير موجبة لخرجت عن صفة ذاتها، وذلك لا يجوز كما لا يخرج القديم عن كونه قديماً، ويلزم على هذه القاعدة أن توجب علومنا حصول المعلومات ويبطل اختصاصها بالباري تعالى دوننا، بل يبطل اختصاصها بمن قدر عليها؛ إذ لو كانت مختصة بالقادر عليها لبطلت فائدة إيجاب العلم للمعلوم، وإن كان المقدور مختصاً بمن قدر عليه، ومختصاً بمن علمه كان تأثيرًا لمؤثرين كثيرين، وذلك محال إلى غير ذلك من الوجوه التي تلزم على قول من يجعل العلم مؤثرا في المعلوم فلنقتصر على ما ذكرنا ففيه كفاية وتنبيه لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
  قال #: وأما قوله ÷: «فو الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة ...» إلخ، فالكلام منه أنه كلام حق وقول صدق، صدر من الحكيم الذي لا يكذب، وفيه فائدتان:
  إحداهما: أن العبد هو الذي يعمل أعماله الحسن الذي ينتهي به إلى الجنة ويستحقها به، والقبيح الذي ينتهي به إلى النار ويستحقها به، ويبطل بذلك مذهب المجبرة القدرية المجورة لرب البرية؛ من أنه تعالى الخالق للأعمال، وإن أحداً لا يستحق على عمله ثواباً،