قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}
  ولا عقاباً، وقد صرح ÷ بأن العبد هو الذي يعمل العمل الذي به يدخل الجنة أو النار، وفي ذلك بيان صحة ما ذهبنا إليه.
  والفائدة الثانية: أن علم الله تعالى لا يتبدل ولا يتغير، وهذا هو مذهبنا، وإليه دعونا؛ لأنه سبحانه عالم لذاته فلا يجوز تغير علمه لأنه يقتضي خروجه عما هو عليه في ذاته، ولو صح ذلك للزم أن يكون محدثاً تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، فإن رام المخالف الاستدلال بالخبر على أن العلم هو الموجب للفعل والملجئ إلى فعل الحسن والقبيح، فقد بينا بطلان قوله هذا بما لا سبيل له إلى دفعه، فإنما هو تعالى يعلم ما يكون على الوجه الذي يكون عليه قبل كونه والوجه الذي وقع عليه هو سوء اختيار العاصي لفعل المعصية وحسن اختيار المطيع بإيثار الطاعة، فقد علمه الله من المتعبدين ما علم، فلينظر في ذلك فهو أصل كبير في هذا الباب. والله الموفق للصواب.
  وقد استوفينا كلام المنصور بالله # وإن كان فيه ما لا يتعلق بالمسألة وبعضه قد تقدم معناه في الرد على الطرق الخمس لما فيه من شرح معنى الحديث، وتقرير ما سبق وتوكيده.
  الحديث الثاني: ما روي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ÷: «احتج آدم وموسى فقال موسى: يا آدم، أنت أبونا أخرجتنا من الجنة، فقال آدم: أنت يا موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك التوراة بيده أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين عاماً، فحج آدم موسي».
  وفي رواية لمسلم: «قال آدم بكم وجدت الله كتب التوراة قبل