مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1540 - الجزء 3

  قال الإمام المهدي #: وهذه طريقة إغراء رافعة للإشكال من أصله.

  قلت: لعمري إنها كما وصفها الإمام #، فلله دره عالماً، ولله فهمه غايصاً. وللإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم # جواب نحو هذا، وهو أن ما علم الله أنه لا يقع لا ينفي قدرة الفاعل على إيقاعه، لا في أفعال الله تعالى، ولا في أفعال خلقه.

  قال #: فتجويز وقوع القدرة على إيقاعه لا ينفي علم الله بأنه لا يقع، ولا ينافي القدرة على إيقاعه.

  وروي عن أبي هاشم أنه قال: إن هذا التقدير من باب تعليق الجائز بالمحال، وتعليق الجائز بالمحال محال، والجائز هو وقوع ما علم الله أنه لا يقع، والمحال كشفه عن جهله تعالى، فكأنا قلنا: إذا وقع كان الله جاهلاً - تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا - فهو نظير قولنا: إذا دخل زيد الدار انقلب السواد بياضاً، فكما أن هذا لا يصح، كذلك هذا التقدير، واعترض هذا الجواب بأنه لا تلازم بين دخول الدار وانقلاب السواد، بخلاف مسألتنا فإن وقوع خلاف المعلوم لازم للجهل، فلا يقاس أحدهما على الآخر.

  قلت: هكذا ذكره الإمام المهدي #، وإنما كان تعليق الجائز بالمحال محالاً؛ لأنه يخرج عن كونه جائزاً. وأما غير الإمام المهدي # فقال في تقرير هذا الجواب: إنه من باب تعليق المحال بالجائز، وهو غير جائز، لأنه يؤذن بخروج المحال عن كونه محالاً، قال: وهذا لا يمكن ولا يتصور، ألا ترى في المثال السابق أن انقلاب السواد بياضاً محال، والممكن لا يلزم عليه المحال.