المسألة الحادية عشرة [في سر تقديم السمع على البصر]
المسألة الحادية عشرة [في سر تقديم السمع على البصر]
  قال الرازي: من الناس من فضل السمع على البصر؛ لأن الله تعالى حيث ذكرهما قدم السمع، والتقديم دليل على التفضيل؛ ولأن السمع شرط النبوة بخلاف البصر، فقد كان في الأنبياء $ من ابتلي بالعمى، ولأن بالسمع تصل نتائج عقول البعض إلى البعض، فكأنه سبب لاستكمال العقل بالمعارف، والبصر لا يوقفك إلا على المحسوسات، ولأن السمع متصرف في الجهات الست بخلاف البصر، ولأن السمع متى بطل بطل النطق، بخلاف البصر، ومنهم من قدم البصر؛ لأن آلة القوة الباصرة أشرف؛ ولأن متعلق القوة الباصرة هو النور، ومتعلق القوة السامعة الريح.
  قلت: ولأن المشاهدة تفيد العلم القطعي، بخلاف الخبر فقد لا يفيده، وإن أفاده كالخبر المقطوع بصدقه فليس كالمشاهدة، ولذا قال ÷: «ليس الخبر كالمعاينة» وعن ابن عباس مرفوعاً: «ليس الخبر كالمعاينة؛ إن الله أخبر موسى بما صنع قومه في العجل فلم يلق الألواح، فلما عاين ما صنعوا ألقى الألواح فانكسرت».
  وقال على #: (الباطل أن تقول: سمعت والحق أن تقول: رأيت).
  وأما قوله: إن التقديم دليل التفضيل، فليس على إطلاقه، فإن من التقديم ما هو جار مجرى التثنية لا يترجح فيه جانب على جانب، كما