قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}
  بالمنفعة الآجلة كافياً في الصرف عن الآجلة، لا سيما مع قوة الشهوة والباعث عليها.
  قال بعض أئمتنا $: إن المعلوم ضرورة، والموجود من النفس أنه لولا خشية العقاب العظيم على فعل القبيح الذي عظمت شهوته لما تركه العبد لما يرجو على تركه من الثواب مع الأمن من العقاب. فأما تحمل المشاق في طلب المنافع العاجلة وترك لذة الدعة والسكون، فليس إلا لأن الشهوة للمنافع المرجوة بالحركة غالبة على شهوة الدعة والسكون.
  قال الإمام المهدي #: وذلك غير مستمر في جميع المعجلات، بل نعلم ضرورة أن شهوة المعجلة قد تغلب المؤجلة، وإن كانت المؤجلة تعلم عند حصولها أنها ألذ، وأكمل وأدوم من المؤجلة، وما ذاك إلا لأن الرغبة فيها مع تأخرها تهون مع ما يحصل من مشقة ترك الالتذاذ بالمعجلة، ولهذا يكون تَهَوُّنُ أمرها بالتأخر بحسب طول مدة تأخيرها يقل بقلته ويكثر بكثرته، وذلك يظهر بمراجعة النفس والرجوع إلى ما نجده من ذلك. فصح أن استحقاق الثواب لا يكفي في الصرف عن القبائح التي شهوتها غالبة، وإذا لم تصرف عنها لم تخرج عن الإغراء، وهو المطلوب.
  فإن قيل: المعلوم من حال أكثر الناس أن علمه باستحقاق العقاب لم يصرفه عن ارتكاب القبائح، بل غلبته شهوته، فاقتضى أن الداعي أغلب من الصارف، وحينئذٍ يكون خالق الداعي مغرياً له بها، ولا يكفي استحقاق العقاب في خروجه عن كونه مغرياً، بل يصير