مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1607 - الجزء 3

  قال القرشي: وهذا يكفي فيه وجوب الفعل، ولا جرم يحسن من الله ومن غيره أن يعرفه وجوب مشاطرة السلطان، وليس السلطان بموجب للمشاطرة فضلاً عن أن يحسن منه الإيجاب أو يقبح، وإنما فعل سبب الوجوب، فالمعتمد ما تقدم.

  قلت: لعله أراد بالمعتمد دليل أبي هاشم؛ لأنه صدره ولم يورد عليه اعتراضاً. والله أعلم.

  فإن قيل: إذا لم يكن الوجه في حسن الإيجاب كون الشيء واجباً في نفسه لزم صحة أن يوجب الله ما ليس بواجب، بل إيجاب القبيح وتقبيح الواجب لأمر عارض غير كونها واجبة أو قبيحة، فإن منعتم ذلك فليس إلا لأن الإيجاب إنما يكون لوجوب الشيء في نفسه، والتقبيح إنما يكون لقبح الشيء في نفسه.

  قيل: إنما يلزمنا ذلك لو قلنا: لا يجب فيما أوجبه الله تعالى أن يكون واجباً، بل يجوز أن يكون غير واجب، ونحن لم نقل بذلك، وإنما قلنا: إن وجوبه لا يكفي في حسن الإيجاب، بل لا بد من اعتبار أمر آخر وهو استحقاق الضرر إن أخللنا به، وإلا لزم أن يحسن منا الإيجاب كما يحسن من الباري تعالى، وقد تقدم إبطاله.

  فإن قيل: لِمَ لا يجوز أن يكون الوجه في حسن الإيجاب كونه يستحق الذم من جهة الله تعالى، ومن جهة العقلاء.

  قيل: قد مر أن الذم إذا تعرى عن ضرر يتبعه قد لا يحتفل به.