مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة السادسة: في التحسين والتقبيح العقليين

صفحة 158 - الجزء 1

  على بنائها على هذا، و (اللعضد)⁣(⁣١) تقرير آخر لعله يعود إلى ما هنا.

  والجواب: أن هذه الشبهة مبنية على أصل فاسد وهو قدم كلامه تعالى، وأنه معنى، ونحن لا نسلم شيئاً من ذلك، وليس هذا موضع بيان فساده، إلا أنا نتكلم هنا على إبطال الطلب الذي أثبتوه مغايراً للإرادة ونحوها، وما يترتب عليه، فنقول: إن هذا المعنى الذي سميتموه طلباً لا يعقل ولا دليل عليه، وإثبات ما لا دليل عليه يفتح باب الجهالات، ويوجب تجويز المحالات، ثم إنه مبني على أن الطلب للفعل يثبت قبل الأمر به والنهي عنه، وبطلانه معلوم ضرورة، فإن المعلوم أن أهل اللغة لا يسمون الساكت آمراً ولا ناهياً، وإنما الطالب عندهم هو الناطق بصيغة الطلب، وأما دعواهم مغايرته للعلم


(١) قوله: «وللعضد تقرير لعله يعود إلى ما هنا».

وهو أنه لو كان حسن الفعل وقبحه لامر غير الطلب حاصل في الفعل لم يكن تعليق الطلب لذاته واللازم باطل أما الملازمة فلتوقف تعلقه حينئذٍ على أمر زائد وما للشيئ بالذات لا يتوقف علي أمر زائد وأما بطلان اللازم فلانا نعلم بضرورة العقل أن الطلب صفة ذات تستلزم مطلوباً عقلاً ولا يعقل حقيقة إلا متعلقاً بمطلوب انتهى.

قال السعد: قد اعترف الشارح العلامة بتحيره في تقرير هذا الدليل وقرره بوجهين:

أحدهما: ينتهض على جميع المعتزلة والآخر على القائلين بكون الحسن والقبح بصفات أو لجهات واعتبارات الأول لو حسن الفعل أو قبح لغير الطلب أي لغير أمر الشارع أو نهيه، سواء كان الغير ذات الفعل أو صفاته، أو جهاته، أو اعتباراته لم يكن تعلق الطلب لنفس الطلب ضرورة توقفه حينئذٍ على ذلك الغير، واللازم باطل؛ لأن تعلق الطلب بالمطلوب تعلق عقلي لا يتوقف على غيره لاستلزامه مطلوباً عقلاً، فإذا حصل الطلب تعلق بنفسه بالمطلوب.

(الثاني): لو حسن الفعل أو قبح لغير الطلب من الصفات والاعتبارات لم يكن تعلق الطلب بنفس الفعل المطلوب، بل يتوقف على ماله من الصفات أو الجهات أو الاعتبارات، لكنه تعلق عقلي لا يتوقف على شيء زائد على المطلوب فمبنى الأول على أن ضمير نفسه للطلب.