مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثالثة عشرة [قطعية وعيد الكفار]

صفحة 1638 - الجزء 3

  بأنه لا يجوز أن يخلق الله الخلق للضرر، ولا أن يخلقهم لا للنفع ولا للضرر، وصرتم أحسن حالاً من المجبرة في هذا، حيث قالوا: إنما خلقهم ليدخل بعضهم الجنة، وبعضهم النار، ولكنكم جهلتم كون ما يجري مجرى النفع كالنفع في الحسن لتأديته إليه، وهذا هو التكيلف، وقد تقدم الكلام في هذا مستوفى في جواب الشبهة الثانية.

  وأما قولكم: إنه إذا كلف وجب أن لا يكون العصيان سبباً للعقاب.

  فجوابه: أنه إذا قد ثبت حسن التكليف بالوجوه المتقدمة، وثبت أن الإغراء بالقبيح قبيح، وجب القول بحسن العقاب؛ لأنه لو كلفهم وعرفهم القبائح وأقدرهم عليها، وقوى دواعيهم إليها ولم يكن ثمة صارف يصرفهم عنها كان مغرياً لهم بالقبيح لا محالة، فثبت استحقاق العقاب.

  واعلم أنك إذا تأملت ما تقدم من الأدلة الدالة على استحقاق العقاب انتفت عنك هذه الشبهة بأسرها، فلهذا جعلنا ما قدمنا من بيان الاستحقاق أصلاً في حل هذه الشبه، وما كان مستحقاً فلا شبهة في حسن استيفائه، وهذا القدر كاف هنا مع التنبيه على ما تقدم.

  الشبهة الرابعة: أن العبد مجبور على فعله، وتعذيب المجبور قبيح عقلاً، ولهم في بيان هذه الشبهة مسلكان:

  أحدهما: أن الله تعالى هو الخالق للداوعي التي توجب المعاصي، لأن صدور الفعل عن القدرة يتوقف على انضمام الداعية التي يخلقها الله