مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1640 - الجزء 3

  من رزقه معلماً كاملاً، ما هذا من العدل في شيء، فثبت أن القول بالعقاب على خلاف قضايا العقول فوجب قبحه.

  والجواب والله الموفق: أنه قد ثبت بالأدلة التي لا يبقى معها شك ولا شبهة أن العبد غير مجبور، بل مختار في جميع أفعاله، وذلك واضح لا يحتاج إلى إطناب في هذا الموضع⁣(⁣١).

  وإذا عرفت هذا فنقول:

  الجواب عن المسلك الأول: أن ذلك الداعي الذي زعمت أن الله تعالى الذي خلقه، فإن أردت به شهوة القبيح والنفرة عن الحسن فمسلم أن ذلك من فعل الله تعالى، لكنا لا نسلم لك أنه موجب للمعصية لما تقدم من أنه لا ينفك عن الصارف الذي هو العلم باستحقاق العقاب العظيم، وذلك الصارف هو داع للترك فصار الداعي والصارف متمانعان على الفعل والترك، ولا يترجح أحدهما إلا باختيار العبد. وأيضاً فإنا نعلم من حال أنفسنا ضرورة القدرة على ترك الفعل كما نعلم القدرة على إيجاده، وأجلى الأمور ما وجد من النفس، وقد تقدم أن خلق الشهوة والنفرة شرط في التكليف لتحصل المشقة التي يستحق عليها الثواب، وتقدم أيضاً أن خلقهما دليل استحقاق العقاب عند أبي هاشم فصار هذا الداعي حجة عليك الالك، والحمد لله، وإن أردت بالداعي المرجح الذي تقدم ذكره في المسألة السابعة مما يتعلق بهاتين الآيتين⁣(⁣٢) فقد بسطنا الجواب هنالك بما


(١) وقد تقدم الكلام على ذلك في الاستعاذة وغيرها. تمت مؤلف.

(٢) وفي المقدمة في السادسة منها. تمت مؤلف.