مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1641 - الجزء 3

  لا مزيد عليه، وبينا أن ذلك المرجح غير موجب، وأنه من فعل العبد وهو إرادته.

  وأما المسلك الثاني فجوابه: أن الله تعالى عدل حكيم لا يظلم، ولا يجور، ولا يكلف عبداً فوق ما يستطيع، بل قد أعطى كل واحد من المكلفين في الدنيا من الاستطاعة ما يبلغ به مراده في الدنيا والآخرة، وساوى به بينهم في أصل العقل والفطنة، والذكاء، وسائر الأمور الغريزية التي بها ينالون الفوز بالنعيم، والنجاة من العذاب الأليم، كما ساوى بينهم في التكليف، وتلك الفطرة التي فطر الله الناس عليها، بل أعطى كل واحد من ذلك فوق ما يحتاج إليه في معرفة خالقه بالنظر في أثر صنعه، وإدراك ما أوجب الله عليه من فرائضه، وترك مناهيه، وساوى بينهم في المعلمين والمؤدبين، فقد بعث إليهم رسله، وأنزل عليهم كتبه، وأبقى فيهم ورثة الأنبياء من العلماء العاملين من أهل البيت الطاهرين، وأتباعهم سلام الله عليهم جميعاً، بحيث لم يبق لأحد حجة ولا معذرة، ولكن أُتوا في العماء والضلال من جهة أنفسهم؛ حيث لم يستعملوا عقولهم، ولم يتبعوا كتاب ربهم، وقرناءهم من أهل بيت نبيهم (~ وعليهم) والمساواة بينهم في هذه الأمور هي محض العدل؛ إذ ليس من عدل الله المساواة بينهم في التكاليف من المعارف الإلهية، والأوامر والنواهي الشرعية، وعدم المساواة بينهم فيما به تقوم الحجة عليهم من أصل العقل، وما يترتب عليه من الذكاء والفطنة.