مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1642 - الجزء 3

  وأما قولك: إنه لا يمكن القول بالتسوية في العقل ونحوه، فمعلوم أن المكلفين غير مستوين في ذلك، لكنا نقول: قد استووا فيما يحتاجون إليه، بل فيما يكفيهم أقله في أداء ما كلفوا فلم يوجب على أحد أمراً ولا نهياً، ولم يجعله عنده على شيء معاقباً إلا وقد أعطاه من حجة العقل ما ينال به ما ينال غيره ممن زاده الله بسطة، وآتاه كرامة، فلما أن ساوى بينهم في ذلك زاد سبحانه وتعالى من شاء من عباده ما شاء من فضله وكرامته، كما فاضل بينهم في الجمال، والهيئة، والجلد، والهيبة وغير ذلك، فمن تكلم فيما فضل الله به بعض الخلق على بعض في زيادة العقل والذكاء، وجب عليه أن يجيب فيما فضل الله به بعضهم على بعض فيما ذكرنا من زيادة الخلق في حسن الألوان، وعظم الأبدان، والكمال، والبيان، لا يجد من ذلك بداً، لأن المعنى فيهما واحد، وليس للخلق في ذلك حجة، ولا ينسب به سبحانه إلى الظلم والجور، فثبت أن الزيادة على ما تقوم به الحجة فضل من الله سبحانه وكرامة، وثبت بذلك عدل الله وحكمته فيما ساوى به بين عباده من حججه من العقل الكافي، والرسول الداعي، والكتاب الهادي، والعلماء المبلغين عن الله حججه إلى خلقه؛ وأنا آتيك هنا بمثل ضربه الهادي إلى الحق # يتبين به ما قلنا من أن الله قد أعطى كل مكلف فوق ما يحتاج إليه من العقل، وما يترتب عليه من الذكاء والفطنة.

  قال #: مثل زيادة الله تعالى لمن شاء من فضله وتفضيله لمن شاء من عباده على من قد أعطاه أكثر من حاجته، وثبت في صدره