مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1663 - الجزء 3

  ولهذا قيل: إن الاتفاق على وجود الموضوعات يغني عن تكلف تعيين الواضع، وأما قوله: إن الناقلين إنما نقلوا ما فهموا ... إلخ.

  فنقول: لو سلم ذلك فإن اتفاق النقلة مع كثرتهم على تلك المعاني مما يحصل به العلم الضروري على إرادتها، وقطعية القرائن الدالة عليها، والفهم وإن كان بمعونة القرينة فلا تخرج بها الدلالة عن كونها لفظية وضعية، كما هو مقرر في موضعه، على أنا لا نسلم أن الناقلين إنما فهموا ذلك بمعونة القرينة، بل نقل الخلف عن السلف استعمال الألفاظ في معانيها من دون توقف على القرائن، وإنكاره مكابرة، ودليل التواتر حصول العلم بذلك، وقد تقرر أن ضابط شرط التواتر والعلم بحصوله حصول العلم بصدقه، ثم إنا لو سلمنا ما قدحتم به في التواتر من حيث استكمال شرائطه، فلا يمكنكم دفع العلم الضروري بكون السماء، والأرض والجدار، والدار ونحوها كانت موضوعة في الأزمنة الماضية لهذه المعاني التي استعملت فيها الآن، وهذا ذكره الرازي في مقدمة تفسيره، وفي المحصول.

  قال: وإنا نجد الشبه التي ذكروها جارية مجرى شبه السوفسطائية القادحة في المحسوسات، قال بعض العلماء: وأنت خبير بأن هذا الجواب أفاد أن ثمة علماً ضرورياً، ولم يعلم كيفية طريقه، فثبت بما تقرر أن الدلائل اللفظية تفيد العلم، وبطل قول هؤلاء الملحدة، والحمد لله، وأما قولهم: إنها مبنية على عدم الاشتراك والتخصيص ... إلخ.