مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين 8}

صفحة 1680 - الجزء 3

  ما ذكره الهادي #؛ لأن تلك الأوصاف لا تكون مجموعة إلا في كافر، بل قد صرح بكفرهم في قوله: {وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ ١٩}⁣[البقرة] ولعل ذلك هو النكتة في العدول إلى الظاهر، أعني أنه إنما عدل عن قوله: {وَاللَّهُ مُحِيطٌ} بهم إلى قوله: {بِالْكَافِرِينَ ١٩} لأجل بيان كفرهم والدلالة عليه، وأن إظهارهم للإيمان لا يخرجهم عن الكفر. والله أعلم.

  ويمكن حمل كلام القاسم # على ما ذكره الهادي # من أنه رياء مخصوص. وأما الحكاية عن الناصر # ففيها نظر، فإنه لم يقصر النفاق على الرياء، بل جعل كل عاص معصية كبيرة منافقاً نص عليه في البساط، وإلى مثل قوله ذهب الحسن البصري فإنه يقول: إن الفاسق منافق، والحجة لهذا القول أنه لو كان مؤمناً بالله، موقناً بالجنة والنار لم يقدم على الفسق، كما أن الواحد منا إذا قيل له: إن فعلت كذا أو تركته عذبتك بهذه النار المؤججة، وهو عالم بقدرة المتوعد، وأنه لا يخلف وعيده، فإنه والحال هذه لا يفعل ذلك الفعل قطعاً، فلما رأينا الفاسق ارتكب المعاصي مع هذا الوعد والوعيد، علمنا أن في اعتقاده خللاً، وأنه مكذب في الباطن وإن أظهر التصديق، واحتج أيضاً بأن الفاسق يستحق اللعن والذم كالمنافق، فلا يمتنع إجراء هذا الاسم عليه، وقد أطال الناصر الاحتجاج على مذهبه في (البساط) ومن أدلته أن المنافقين على عهد رسول الله ÷ كانوا يعاملون معاملة المؤمنين من تركهم مع نسائهم المؤمنات، والصلاة عليهم، ودفنهم في مقابر المسلمين، ووجوب الزكاة عليهم، وإعطائهم منها.