مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين 8}

صفحة 1682 - الجزء 3

  بل هو حقيقة لغوية، اسم لمن أبطن الكفر وأظهر الإسلام كما مر⁣(⁣١) غايته أنه في اللغة من أظهر أي دين كان وأبطن الكفر به، سواء كان المظهر دين الإسلام أو غيره؛ إلا أن غير دين الإسلام لما كان غير معتد به، ولا تتعلق به الأحكام من الثواب والعقاب، وغيرهما من الأحكام الدنيوية والأخروية، لم يبين في الشرع إلا أحكام من أظهر دين الإسلام وأبطن الكفر به، ونحو هذه المناظرة قد حكاه الموفق بالله # بين عمرو بن عبيد، وواصل بن عطاء، وذلك أن عمرو كان يذهب إلى مثل مقالة الحسن فناظره واصل، فقال له: أتقول: إن اليهودية فسق؟ فقال: نعم، قال: أتسميه منافقاً؟ قال: لا؛ لأنه مجاهر بها، ولا يبطنها ويظهر خلافها، فقال: كذلك الفاسق مجاهر بفسقه ولا يبطنه، ويظهر خلافه، فلا يجوز وصفه بأنه منافق، فرجع عن ذلك، وروى مناظرة عمرو، وواصل الإمام المهدي # بأبسط من هذا، وزاد فيها: ثم إنه قال له واصل: الذي أذهب إليه أن مرتكب الكبيرة فاسق مجمع على صحته، والذي تذهب إليه مختلف فيه، والأخذ بالمجمع عليه هو الأحق والأصوب، فقال عمرو: ما معي للحق من عداوة ولا عنادٍ، أشهد أن الحق ما قاله أبو حذيفة، أشهدكم أني معتزل لمذهب الحسن، واعتزل حلقة الحسن فسموه ومن تبعه معتزلة.

  قال الإمام المهدي #: هذا أحد الروايات في سبب التسمية، وأما المناظرة فهو متفق عليها، وأراد واصل بأنه مجمع على الفسق،


(١) عن الهادي والقاموس. تمت مؤلف.