تفسير قوله تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين 8}
  أن الناس مختلفون في صاحب الكبيرة، فبعضهم كفره، وبعضهم سماه منافقاً، وبعضهم قال هو مؤمن، ولم يختلفوا في أنه فاسق، وإلى هذا أشار الصاحب بقوله:
  فالكل في تفسيقه موافق ... قولي إجماع وخصمي خارق
  قلت: واحتجاج واصل على عمرو بأن قوله مجمع عليه أصح من احتجاج عمرو على الحسن، وإلزامه القول بأن كل فسق كفر، وأن ذلك مما لا يقول به أحد، فإن الناصر # وغيره يسمون الفاسق كافراً، كما سيأتي تحقيقه إن شاء الله في موضعه.
  الوجه الثاني في الجواب: التفصيلي:
  فنقول: أما القول بأن ارتكاب المعصية ليس إلا من قلة اليقين، فيؤخذ جوابه من كلام الهادي #، وأما الاستدلال على عدم يقينه من معصيته بدليل أنه لو قيل له: إن فعلت كذا عذبتك بهذه النار إلى آخر ما مر، فقد ذكرنا في سياق الآية التي قبل هذه أن الإنسان إلى العاجل أميل منه إلى الآجل، وأنه قد يهرب من قليل الألم العاجل أعظم من هربه من العذاب الدائم الآجل، مع اليقين بالكل، وقد نبه الله على هذا بقوله: {كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ ٢٠ وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ ٢١}[القيامة ٢١.٢٠] فلم يكن ارتكاب المعصية دليلاً على ضعف اليقين، وفي الإحاطة: أن الفاسق قد يعلم من حاله ضرورة أنه يعتقد الوعيد، ولا يظن خلافه، قال: وكذلك أحدنا من نفسه يعلم ذلك وإن كان